رام الله 15-7-2013 وفا- زلفى شحرور
ما زال موضوع فرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة في آذار الماضي محل جدل ونقاش رغم سريان القرار وبدء تنفيذه من الأول من أيار.
وانقسم المشاركون في نقاش على طاولة معهد الدراسات الاقتصادية ‘ماس’ بين قرار الحكومة بفرض تعرفة إضافية 35% من القيمة الحقيقية المخمنة على السلع والبضائع كاملة التصنيع والمستوردة في ‘حالة الإغراق’ مع توصيات للتنفيذ، وبين رافض للقرار يرى فيه قرارا غير مدروس علميا واقتصاديا يتطور حسب ردة فعل الرأي العام.
وتركز النقاش على المبررات وراء القرار ودلائل الإغراق في السوق الحلي، والنتائج المتوقعة لهذا القرار على الأطراف المختلفة، والإمكانيات العملية لتطبيقه، وإذا ما كان يعكس القرار إستراتيجية تنم وتقوم على الحماية وعلى منهج تعويض الواردات والمنافسة على أرضية العمل الرخيص.
وقدم مدير عام المعهد سمير عبد الله ورقة مرجعيات ناقشت مفهوم الإغراق حسب تعرفة منظمة التجارة العالمية، والنتائج المتوقعة لهذا القرار على الأطراف المختلفة المنتجين، والمستوردين، والمستهلكين، والحكومة.
وتعرضت الورقة لمفهوم فرض التعرفة باتفاق باريس الاقتصادي، والذي تعامل مع الأراضي الفلسطينية باعتبارها وحدة جمركية واحدة، وغلاف جمركي واحد، وفرضها يتعارض مع تعهدات إسرائيل داخل منظمة التجارة العالمية.
وأوضح القائم بأعمال مدير عام الدراسات في وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن حيثيات اتخاذ القرار، والتي قامت على تراجع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج القومي، وضعف الحصة السوقية للمنتجات المحلية في سوقها، والعمل على حل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة بمزيد من الاعتماد على القطاعات الإنتاجية بدلا من المانحين متوقعا أن تعود هذه القرارات بإيرادات لخزينة السلطة 70-100 مليون شيقل سنويا.
وقال: ‘تم وضع آلية للتنفيذ بتشكيل لجنة فنية بالشراكة مع وزارة المالية، وتم تحديد 200 سلعة في الأربعة قطاعات المستهدفة، وبدأ بالفعل بتنفيذ القرار’.
وأضاف’ لم نلمس أي تغيير على أسعار السلع المستهدفة في السوق، وفرضنا الضرائب على السلع المستوردة بصورة مباشرة وغير مباشرة عبر تجار إسرائيليين، مع تفعيل القرار الحكومي باعتماد المنتج المحلي في عطاءاتها حتى لو كانت بفروق أعلى تصل إلى 15%’.
وقال رئيس جمعية مركز التجارة الفلسطيني ‘بال تريد’ إبراهيم برهم، إن القرار جاء نتيجة ضغوط شعبية، والموضوع ليس له علاقة بموضوع الإغراق فقط بل له صلة بموضوع المواصفات والمقاييس، مشيرا إلى أن نتائج هذا القرار لم تلحظ حتى اللحظة في الإنتاج الصناعي، وأن هذه المسألة تحتاج حتى نهاية العام لرصدها.
وأقر برهم أن الحكومة ولأول مرة تتخذ قرارا له علاقة بالاستيراد، لكنه يحتاج لقرارات أخرى من نوع تفعيل قرارها الخاص بأن تكون العطاءات الحكومية من المنتج المحلي.
وأشار إلى حاجة السوق لعملية فحص حقيقية لموضوع المواصفة وآلية لقياس حجم الاستثمارات في هذه القطاعات والمواصفات للمنتج، وإمكانية تطبيق الجمارك على البضائع المستوردة من خلال تاجر إسرائيلي، والتكلفة الحقيقية لسعر المنتج المستورد، خاصة وأن الكثير من البضائع المستوردة لا تسعر بأسعارها الحقيقية ومحاربة التهرب الضريبي.
ونقل مدير عام الغرفة التجارية والصناعية والزراعية في محافظة رام الله والبيرة صلاح عودة آراء المؤيدين والمعارضين للقرار، موصيا بتحديد الآليات لتأهيل وتطوير المنتج المحلي طالما أن القرار قد اتخذ، لافتا إلى الحاجة للجان فنية متخصصة من أجل إعداد خطة لدعم المنتج المحلي وزيادة قدرته التنافسية، وتخفيض أسعار الكهرباء الصناعية، وتوفير القروض والتسهيلات المالية للصناعيين، وتفعيل الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها فلسطين لتطوير المنتج المحلي.
وكان لرئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية رأي مخالف، وقال: ‘القرارات لا تأخذ بحسن النوايا وإنما بتجسيدها وتفسيرها، موضحا أن القرار جاء نتيجة ضغط الصناعيين’.
وأشار هنية إلى إمكانية الاهتمام بتطوير وحماية المنتج المحلي عبر إجراءات غير جمركية، وتفعيل اللوائح التنفيذية لمنح الأفضلية للمنتج الوطني في العطاءات، لافتا إلى عدم تفاعل دائرة اللوازم مع هذا القرار حتى اللحظة.
وجاءت ملاحظات المشاركين في النقاش حادة بمواجهة القرار واتفقت عدة منها مع مداخلة رئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال الفلسطيني ماهر المصري والذي قال: ‘إذا نظرنا لآلية تنفيذ القرار والذي استهدف السلع الصينية ولاحقا على جميع السلع، وفي المرحلة الثالثة منه تحديد السلع التي سيطبق عليها القرار، نصل إلى أن هذا القرار لم يكن مدروسا بطريقة علمية واقتصادية، وتطور القرار حسب ضغط الرأي العام’.
وأكد المصري أنه مهما رفعنا الجمارك، ستبقى أسعارنا أعلى من سعر المنتج التركي والصيني، وأن حماية الصناعة المحلية لن تتحقق لأن الحماية وزيادة التنافسية للسلع الفلسطينية لا تتفقان بل هما متناقضتان في الاقتصاد.
ورأي المصري وهو وزير سابق للاقتصاد أن الأصل كان في الذهاب إلى مناحي أخرى بتشجيع الصناعة الوطنية من خلال تحديد بعض القطاعات الإنتاجية الصناعية التي لها قدرة تصديرية وتغطية حاجة السوق المحلية، وأن هذا القرار لن يؤدي لزيادة المنتج المحلي ولا زيادة مداخيل السلطة.
وأشارت بعض المداخلات إلى التفاف التاجر الفلسطيني على القرار بفتح ملف ضريبة في إسرائيل ودفع الضريبة بنسبة 8% لإسرائيل، والاستيراد والتخزين في المنطقة ‘سي’ ومن ثم تهريبها للسوق المحلي.
وبين مسيف مسيف من وزارة المالية أن الموضوع صغير ولا يستحق كل هذا الجدل، وأن السلع المستهدفة وهي 195 سلعة تشكل فقط 5% من وارداتنا بقيمة 700 مليون شيقل.
وقال إن النقاش فيما يخص الاستيراد غير المباشر انتهى مع قرار إسرائيل زيادة الجمارك على ذات السلع بذات القدر الذي قررناه.