التاريخ
تل الرميدة، أقدم المواقع الأثرية في الخليل ويعود تاريخها إلى 5500 عام.
تعتبر مدينة الخليل من المدن العربية القليلة التي حافظت على استمرارية الاستقرار البشري. والخليل هي مدينة مقدسة لليهود والمسلمين والمسيحيين. كما أنها معروفة باعتبارها مدينة الآباء. بعض الناس يعتقدون أن إبراهيم،أب الأديان التوحيدية، قد عاش في الخليل عام 1800 قبل الميلاد أو نحو ذلك. يعتقدون أيضا أنه قد اشترى المغارة التي بني عليها المسجد الإبراهيمي/ مغارة مكفيلا، حيث يعتقدون أن قد تم هنالك دفن إبراهيم، زوجته سارة، ابنهم إسحاق وحفيدهم يعقوب. على مر التاريخ، كانت هنالك فترات لأغلبية مسلمة، الذين عاشوا في مدينة الخليل إلى جانب أقليات من اليهود.
ومر على المدينة عدد من الغزاة عبر التاريخ. حيث تعرّضت الخليل هي وبقية فلسطين للغزو الأشوري عام 732 ق.م وللزحف البابلي عام 586 ق.م ولموجة الغزاة الفرس عام 539 ق.م. كما أخضعها اليونان الإغريق لحكمهم عام 322 ق.م، ولكن الرومان انتزعوها منهم عام 63 ق.م. ثم انتقلت لقبضة البيزنطيين عام 593 م إلاّ أنّ الفرس احتلوها منهم لبضع سنوات، ثمّ عاد الروم البيزنطيون فاستعادوها مرة أخرى، وأخرجوا الفرس منها. دخلها الصليبيون عام 1167 م وبنوا كنيسةً فوق المسجد الإبراهيمي، ولكن القائد صلاح الدين استرد الخليل ونقل إليها منبر عسقلان العاجي. وتطورت المدينة في العهدين المملوكي والعثماني، واشتهرت في عصر العثمانيين بصناعة القناديل والزجاج الملوّن، وبلغ من تقدمها آنذاك أن شاركت في المعرض العالمي الذي أقيم في فينا عام 1873م، حيث عرضت صناعات الخليل من أدوات الزينة المصنوعة من الزجاج الملوّن. خضعت المدينة للانتداب البريطاني عام 1917 م، ثم للإدارة الأردنية عام 1950 م. يشار إلى أن المنظمات اليهودية احتلت في عام 1948 نصف أراضي قضاء الخليل، حيث فقد القضاء معظم قراه وبلداته وأخصب أراضيه الواقعة غربا، واحتلوا بعد ذلك محافظة الخليل كاملة في عام 1967 إثر حرب حزيران.
العهد الكنعاني
شجرة البلوط المقدسة، يُعتقد أن النبي إبراهيم وزوجته استظلا بها.
تُعتبر الخليل من أقدم مدن العالم وتاريخها يعود إلى 5500 عام. بناها الكنعانيون وأطلقوا عليها اسم (قرية أربع) نسبة إلى بانيها (أربع)وهو أبو عَناق أعظم العناقيين، وكانوا يوصفون بالجبابرة، ولما جاء يوشع بن نون غير اسم قرية اربع إلى حيرون نسبة إلى أحد أولاد كالب بن يفنة، ثم سميت الخليل نسبة إلى (خليل الرحمن) إ براهيم، ففي أوائل القرن التاسع عشر قبل الميلاد سكن إبراهيم بعض السنين تحت بلوطات “ممرًا” الواقعة شمال الخليل، وتضم الخليل رفاته ورفاة زوجته سارة، وعائلته من بعده إسحق ويعقوب ويوسف ولوط ويونس، ثم صارت الخليل قاعدة لدواد بن سليمان سبع سنين ونصفا فقط، وكذالك تضم الكثير من رفات الصحابة وفي مقدمتهم شهداء معركة أجنادين.يواصل اليهود كذبهم فهم يدعون أن موسى استخرج تابوته من أعماق النيل وحمله معه وأن “يوشع بن نون” دفنه في مغارة في حبرى (الخليل) وهم بهذا الإدعاء وغيره يريدون عبر الصهيونية إلى استدرار عاطفة الناس دينيا وخلق تاريخ وهمي من العدم.[18]
بعد الميلاد
المسجد الابراهيمي، بُني على آثار كنيسة بيزنطية وتمت إضافة أجزاء إليه بالعهد الأموي، وهو مُقدس للديانات الثلاث.
في أيام الرومان أقيمت كنيسة على مقبرة إبراهيم وعائلته، ولما دخل الفرس سنة 614 م هدموها، تُعتبر الخليل واحدة من آخر المدن في فلسطين التي دخلها الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي. ة قد كانت تُسمى على أيام النبي محمد بـ”حبرا”. وقد شاد الأمويون سقف الحرم الحالي والقباب التي فوق مراقد إبراهيم ويعقوب وزوجتيهما. وفي العصر العباسي فتح الخليفة المهدي باب السور الحالي من جهة الشرق وبنوا له المراقي الجميلة من ناحيتي الشمال والجنوب وأمر المقتدر بالله ببناء القبة التي على ضريح يوسف.
وفي العصر الفاطمي لم يكن لمشهد الخليل باب، وكان دخوله مستحيلاً، بل كان الناس يزورونه من الايوان في الخارج. فلما جلس المهدي على عرش مصر أمر بفتح باب فيه، وزينه وفرشه بالسجاجيد، وأدخل على عمارته إصلاحاً كثيراً. وباب المشهد وسط الحائط الشمالي على ارتفاع أربع أذرع فوق الأرض، وعلى جانبه درجات من الحجر. فيصعد إليه من جانب ويكون النزول من الجانب الثاني. ووضع هناك باب صغير من الحديد).
وقد وصف الاصطخري المدينة بقوله: “ومن بيت لحم على سمته في الجنوب مدينة صغيرة، شبيهة في القدر بقرية ـ تعرف بمسجد إبراهيم، وفي المسجد الذي يجمّع فيه الجمعة قبر إبراهيم واسحق ويعقوب صفاً، وقبور نسائهم صفاً بحذاء كل قبر من قبورهم قبر امرأة صاحبه، والمدينة في وهدة بين الجبال كثيرة كثيفة الأشجار، وأشجار هذه الجبال وسائر جبال فلسطين وسهلها زيتون وتين وجميز وعنب وسائر الفواكه أقل من ذلك”.
كما وصفها المقدسي: “حبرى هي قرية إبراهيم الخليل. فيها حصن منيع. يزعمون أنه من بناء الجن من حجارة عظيمة منقوشة، وسطه قبّة من الحجارة إسلامية، على قبر إبراهيم وقبر اسحق، قُدَّام في المغطى، وقبر يعقوب في المؤخر. حذاء كل نبي امرأته. وقد جُعل الحبر مسجداً وبني حوله دور للزّوار. واختلطت فيه العمارة ولهم قناة ضعيفة. وهذه القرية إلى نحو نصف مرحلة من كل جانب قرى وكروم وأعناب وتفاح، تسمى جبل نصرة لا يُرى مثله، ولا أحسن من فواكهه، عامتها تحمل إلى مصر وتنشر. وفي هذه القرية ضيافة دائمة وطبّاخ وخباز وخدام، مرتبون يقدمون العدس بالزيت لكل من حضر من الفقراء. ويدفع إلى الأغنياء إذا أخذوا. ويظن أكثر الناس أنه من قرى إبراهيم وإنما هو من وقف نميم الداري وغيره. والأفضل عندي التورُّع عنه”.
الحروب الصليبية
مقال تفصيلي :مملكة بيت المقدس
جودفري أمير صليبي، إحتل الخليل عام 1099، وسمّاها “قلعة القديس أبراهام”.
وقد سقطت مدينة “الخليل” في أيدى الفرنجة عام 1099 م إبَّان الحروب الصليبية. وقام الأمير جودفري البويوني ببناء قلعة حصينة لحمايتها والتي سمّاها “Castellion Saint Abraham” – أي: “قلعة القديس أبراهام”، ثم منحها وقلعتها إلى جيرارد افسنس Gerard of Avesenes طبقا للعرف الإقطاعي، الذي صار عليه الفرنجة في توزيع معظم البلاد والأراضي التي تم الاستيلاء عليها لكبار الأمراء والقادة العسكريين. وهكذا تحولت مدينة الخليل وجزء من الزمام الزراعي المحيط بها إلى إقطاعية فرنجية صليبية، يسيطر عليها أحد الأمراء بفضل جهود الأمير جودفري، الذي يرجع إليه الفضل بوضع أساس النظام الإقطاعي الفرنجي الصليبي في فلسطين، غير أن السمات البارزة لهذا النظام لم تظهر في عهده؛ بسبب قصر المدة التيحكمها.
ومهما يكن من أمر، فقد أصبحت الخليل إقطاعية فرنجية صليبية، لكن الملك الفرنجي في بيت المقدس لم يقم بمنح جميع أراضي الخليل للسيد الإقطاعي وإنما احتفظ بجزء منها، مما يشير إلى أن المملكة الفرنجية اتبعت نهجا واضحا في سياستها العامة والمتعلقة بمنح الاقطاعات والأملاك المحددة دون اللجوء إلى منح المدن المناطق الريفية المحيطة بها للسادة الإقطاعيين. وربما كان ملوك بيت المقدس يهدفون من وراء هذه السياسة تحقيق عدة أمور منها : الاحتفاظ بمساحات شاسعة من أراضي الخليل من أجل منح جزء منها للكنائس والأديرة وصغار النبلاء والفرسان، أو ربما للحد من سلطة السيد الإقطاعي، أو ربما من أجل الإسهام في تغطية نفقات التاج من عائدات هذه الأراضي.
وقد استطاع صلاح الدين الأيوبى استرداد المدينة من أيدى الصليبيين إثر موقعة حطين عام 1187 م. وفى عام (656هـ ـ 1258 م) أغار المغول على مدينة الخليل بعدما دمروا بغداد، غير أن انتصارات ” قطز ” في عين جالوت عام (658هـ ـ 1260 م) وضعت حدًا نهائيً لتلك الغارات.
العهد المملوكي
البلدة القديمة المبنية في العهد المملوكي.
استعاد القائد صلاح الدين الأيوبي مدينة الخليل في 1187. تم ذلك بمساعدة يهودية وفقا لتقليد واحد في وقت متأخر، في مقابل خطاب من الأمن السماح لهم بالعودة إلى المدينة، وبناء كنيس هناك. تم تغيير اسم المدينة مرة أخرى إلى مدينة الخليل. وقد بقي ربع الكردية موجود في البلدة خلال الفترة الأولى من الحكم العثماني. استعاد ريتشارد قلب الأسد المدينة بعد فترة وجيزة. تمكن ريتشارد من كورنوال، وجلبه من إنجلترا لتسوية العداوات الخطيرة بين فرسان المعبد والإسبتارية، التي تنافس للخطر معاهدة ضمان الاستقرار الإقليمي المنصوص عليها مع السلطان المصري والصالح أيوب، لفرض السلام في المنطقة. لكن بعد وقت قصير من مغادرته، ونتيجة للحروب المتناحرة من عام 1241، وفرسان المعبد الذين شنوا غارة مدمرة، في انتهاك للاتفاقيات.
في 1260، بعد غارات المغول على فلسطين، لامست واحدة منها الخليل. وقد تم بناء مآذن على هيكل مغارة المكفيلة / المسجد الإبراهيمي في ذلك الوقت. بعد ست سنوات، خلال الحج إلى مدينة الخليل، أصدر بيبرس مرسوما يمنع المسيحيين واليهود من دخول الحرم، وأصبح المناخ أقل تسامحا مع اليهود والمسيحيين مما كانت عليه تحت حكم الدولة الأيوبية قبل. لم يكن مرسوم لاستبعاد المسيحيين واليهود بصرامة حتى منتصف القرن الرابع عشر وبحلول 1490 سمح لمن هم ليسو بمسلمين بالدخول في كهوف تحت الأرض. تم بناء مصنع في ارطاس عام 1307 حيث تم تخصيص الأرباح من دخلها إلى مستشفى في الخليل. ولقد كتب العديد من الزوار حول الخليل على مدى القرنين التاليين (من بينها Ishtori HaParchi عام 1322 و Nachmanides عام 1270 والحاخام ميشولام من فولتيرا عام 1481 و HaParchi عام 1322. ولم يُسجل أي ذكر لليهود في مدينة الخليل في هذه الفترة.
وقد استمرت الهجرة إلى المدينة من قبل المجموعات العرقية والدينية المختلفة، ومن ضمنها مجموعات يهودية صغيرة وفقيرة اعتاشت على صدقات المحسنين اليهود الذين كانوا يزورون المدينة (خلال الفترة المملوكية)، وسكنت في قلب المدينة في حارة الدارية. هذا بالإضافة إلى نشوء حارة صغيرة للنصارى (استمرت بالوجود حتى مطلع الفترة العثمانية)، لتختفي بعدها. ولكن تعود كل الحارات القديمة، والتي ما زالت قائمة، في شكلها النهائي إلى الفترة المملوكية. وبالتالي من الممكن الاعتقاد بأن شكل الخليل القديمة، كما هي عليه الآن، قد تشكل في هذه الفترة، في حين كان نصيب الفترة العثمانية، مجرد تعبئة الفراغات التي تركتها الفترة المملوكية وتكثيف استعمال المساحات وزيادة طوابق المباني القديمة وتوسع ضئيل في مساحة الحارات.
العهد العثماني
الخليل في العهد العثماني.
كانت الخليل واقعة ضمن متصرفية القدس التابعة لولاية بيروت العثمانية في القرن 19.
كنيسة المسكوبية، الكنيسة الوحدية في المدينة، بُنيت في عام 1906.
احتل العثمانيون الشام ومدينة الخليل بعد معركة مرج دابق عام 1517 م، واستمر حكمهم 4 قرون، حتى جاء الاحتلال البريطانى لفلسطين عام 1917م إلى عام 1948 م.
وكانت الخليل مشهورة بعمل الزجاج. وكانت أبنيتهافي هذه الفترة من الحجر الكلسي الذي يستخرج من الجبال المحيطة بها. ولهذه المدينة عدة أبواب تغلق ليلاً منعاً للمواصلة مع بقية المقاطعات ومحافظة على الأمن والسكينة. والمدينة الحاضرة مبنية على منحدرات الهضاب وفي السهل. وموقع الحرم أو الجامع يقع عند نهاية المنحدر البعيد عنها قليلاً. وضمت الخليل 22 ألف نسمة في نهاية الفترة العثمانية. بينهم 2000 يهودي لهم ثلاثة معابد. تقوم على مساحة ضيقة من واد ينحدر من الشمال الغربي. ضواحي البلدة خصبة، تكثر فيها عيون الماء. يصنع اليهود الخمر الجيد من العنب الذي يكثر في الجوار. وفضلاً عن الكرمة فان أشجار اللوز والمشمش في نمو وازدهار. والخليل أيضاً سوق تجاري.
بالنسبة لأحياء المدينة في هذه الفترة، فضلاً عن الأحياء اليهودية الواقعة في شمالها الغربي وجنوبها الغربي كانت تضم سبعة أحياء:
- حارة الشيخ علي البكا ويعلو هذا الحي على مجرى مياه «عين قشقلة» وترى بقربها مغائر وقبور صخرية. ومن هذه العين ممر يؤدي إلى رأس تلة (حبال الرياح).
- حارة باب الزاوية.
- حارة القزازين ـ نسبة إلى عمّال الزجاج.
- حارة العقّابة حيث يقيم عمّال المعاطف الشتوية المصنوعة من الجلد
- حارة الحرم
- حارة المشارقة
- حارة قيطون ـ حيث كان يقيم عمال القطن
كانت البلدة القديمة تقوم في القرب من المدينة الحالية، على “تلة الرميدة” المغطاة بأشجار الزيتون وترى على هذه التلة بقايا جدران ضخمة وبناية حديثة تحمل اسم دير الأربعين. وفي الجنوب الغربي من حارة الحرم انشئت بركتان كبيرتان: الأولى تحمل اسم “بركة القزازين” طولها 28 ياردة وعرضها 18 ياردة وعمقها 27 قدماً ونصف القدم. والثانية وتقع في أسفل الوادي وتعرف باسم «بركة السلطان» بنيت بأحجار مصقولة، مربعة الشكل طول كل ضلع من أضلاعها نحو 44 ياردة. وبقربها تقوم “السراي” الجديدة. وكان لا يسمح لغير المسلمين دخول الحرم الشريف. ولم يدخله من غير المسلمين إلاّ أقلية ممتازة من الأوروبيين انما كان يسمح لليهود وغيرهم الصعود إلى الدرجة السابعة فقط من سلّم الحرم. وعند الدرجة الخامسة يوجد ثقب يعتقد اليهود انه يمتد إلى داخل الحرم إلى أن تصل بالقبور. وفي كل جمعة يأتون إلى الدرجة المذكورة يبكون وينوحون شأنهم في شأن نحيبهم عند جدار المبكى في بيت المقدس. وفي الجنوب من تلة “قب الجانب” تقع محطة الكرنتينا. وتلاصق الحرم من الجنوب “القلعة” وهي نصف خربة تستعمل ثكنة للجنود.وفي الخليل أيضاً إدارة للبريد والبرق وفرع لبنك انجلو فلسطين ومستشفى للارسالية الاسكوتلندية. تقع «بلوطة أو بلوطات ممرا» في الخليل في حديثة “مَضيَفَة» الروس التي اقيمت عام 1871 م مع كنيستها.
عهد الانتداب البريطاني
مبنى بلدية الخليل القديم.
طالع أيضًا :مذبحة الخليل
بعد الحرب العالمية الأولى، انتقلت مدينة الخليل لتكون تحت الانتداب البريطاني. خلال سنوات العشرينات، نتيجة لازدياد الصهيونية من جهة، وتنمية الوعي القومي العربي من جهة أخرى، زادت حدة التوتر بين العرب واليهود الذين عاشوا تحت الانتداب. وقد ادعت كلتا الأيديولوجيتين ادعاءات سياسية وإقليمية متضاربة حول نفس المنطقة، مما أسفر عن انفجار في الخليل، في مذبحة عام 1929.
قرار التقسيم
مقال تفصيلي :تقسيم فلسطين
مستشفى الخليل عام 1944.
خارطة تقسيم فلسطين عام 1947، تظهر الخليل ضمن المنطقة المحددة للعرب.
قامت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل للنزاع العربي/اليهودي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
ومع باقي الضفة الغربية دخلت المدينة في عام 1951 في اتحاد مع المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبحت في عام 1964 مركزاً لمحافظة الخليل. وبقيت تحت الحكم الأردني حتى احتلالها في حرب 1967 أو النكسة.
النكسة
الفصل العنصري في المدينة بعد الاحتلال.
الخليل في فترة الستينات من القرن الفائت.
رزحت الخليل تحت الاحتلال الإسرائيلي وأصبحت مركزاً لمنطقة الخليل التي يحكمها حاكم عسكري إسرائيلي مباشرة، حيث احتلت إسرائيل مدينة الخليل في 5 يونيو 1967، ومنذ ذلك التاريخ شرع المستوطنون اليهود بالاستيطان في محيط المدينة ثم في داخلها، ويوجد داخل المدينة حاليا خمسة مواقع استيطانية يهودية وهي مستوطنة تل الرميده، والدبويا، ومدرسة أسامة بن المنقذ وسوق الخضار والاستراحة السياحية قرب المسجد الإبراهيمي الشريف، بالإضافة إلى التجمع الاستيطاني اليهودي على حدود المدينة الشرقية (كريات أربعة وخارسينا).
الخليل هي المدينة الفلسطينية الوحيدة التي اقيمت في قلبها مستوطنة. لاجل حرية حركة للمئات القلائل من المستوطنين اختارت إسرائيل سياسة رسمية مميزة ضد السكان الفلسطينيين في المدينة. مع مرور السنين أصبح مركز المدينة كمدينة اشباح.
حاجز وبرج مراقبة لقوات الاحتلال الإسرائيلية في وسط الخليل.
على مدار سنوات، تم إقامة عدد من نقاط الاستيطان الإسرائيلية في مدينة الخليل القديمة وضواحيها، وهي منطقة كانت بمثابة مركز تجاري لجنوب الضفة الغربية. وتقوم الجهات المسئولة عن القانون في إسرائيل وقوات الأمن الإسرائيلية بتكبيد ثمن حماية هذه النقاط الاستيطانية من جميع السكان الفلسطينيين. ولهذا الغرض، تنتهج إسرائيل نظاما يستند بصورة صريحة ومكشوفة إلى “مبدأ الفصل”، الذي على ضوئه أوجدت إسرائيل عزلا (SEGREGATION) على الأرض وعزلا قانونيا ما بين المستوطنين الإسرائيليين وبين الغالبية الفلسطينية. وقد أدت هذه السياسة إلى انهيار الاقتصاد وسط مدينة الخليل ونزوح واسع للسكان الفلسطينيين. وتُظهر نتائج المسح الذي أُجري من اجل اعداد هذا التقرير، أن الفلسطينيين نزحوا عن ما لا يقل عن 1014 شقة سكنية في وسط مدينة الخليل، علما أن هذه الشقق تُشكل 41.9% من مجموع الشقق السكنية في هذه المنطقة. كما أن 65% من الشقق التي تم إخلاؤها، وعددها 659، نزح عنها سكانها خلال الانتفاضة الثانية. كما يتضح من نتائج المسح أن 1829 محلا تجاريا فلسطينيا في المنطقة التي جرى مسحها أصبحت مهجورة اليوم، علما أن هذه المحلات التجارية المغلقة تشكل 76.6% من مجموع المحال التجارية في هذه المنطقة. 62.4% من المحال التجارية المغلقة، وعددها 1141 محلا، تم إغلاقها خلال الانتفاضة الثانية، وأن 440 محلا منها جرى إغلاقها بأوامر عسكرية.
إن المكونات الأساسية لـ”سياسة الفصل” الإسرائيلية تقوم على الحظر الشديد والواسع لحركة الفلسطينيين والامتناع المنهجي عن فرض القانون والنظام على المستوطنين العنيفين الذين يعتدون على الفلسطينيين. كل هذا إلى جانب ما يلحق سكان المدينة الفلسطينيين من أذى مباشر من قبل القوات الإسرائيلية.
السلطة الفلسطينية
استمر هذا الوضع حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1995، وأصبحت المدينة منذ ذلك الحين، مركزاً لمحافظة الخليل، كما وقعت معظم أراضي المحافظة ضمن تصنيف (أ) و(ب) حسب اتفاق أوسلو. في عام 1994، عندما كان سير عملية اتفاق أوسلو في أوجه، قام المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين بإطلاق النار على المسلمين الذين كانوا يصلون في الحرم الإبراهيمي وقتل 29 منهم وأصاب عددًا أكبر بكثير.
استمر سير عملية اتفاق أوسلو وفي شباط/ فبراير 1997، تم توقيع اتفاق حول الانتشار الجزئي للجيش الإسرائيلي في الخليل، وتم تقسيم المدينة إلى قسمين: منطقة H1، والتي تم تسليم السيطرة عليها للسلطة الفلسطينية، ومنطقة H2 – التي بقيت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. وفي أبريل/ نيسان 2002، سيطر الجيش الإسرائيلي على المدينة بأكملها، ووضعت أبراج مراقبة ثابتة في منطقة H1 في المدينة في عام 2003.